-->
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...
recent

من المواطنة...

لا خلاص لنا إلاَّ في رحيق التَّسامح والتَّفاهم
أتساءل في الوقت الراهن ماهي خيارات القادمة للمجتمع المدني عندما يختلط عليه مفهوم المُوَاطَنَة في بعده التاريخي والقانوني الَّذي دَرِسَهُ في المدارس التربية الوطنية (الَّذي في معناه الشامل هو مؤسَّسات قائمة تُقدِّر وتحترم أفرادها أي تخدم شعبها وبالمقابل أفرادا يعرفون واجباتهم المفروضة عليهم) ومفهوم إملاءات السَّلطة التَحكِّميَّة المُّلزِمَة. فالأمر مُعقَّد حيث نرى إزدواجية بين المفهومَيْن والواقع وما زالت هذه السُّلطة في تضادٍ مع المُواطنة مُسْتَنِدَةً مَنْطِقَهَا التَّاريخي على وجوب إمتثال المُجتمع للسَّمع والطاعة
أعتقد أنَّ الظرف الوطني الحالي والمُتغيِّرات الإقليمية والعالمية المُتشابكة يَفْرضان التَّسامحَ والتَّفاهمَ على الجميع فرضا عقليا ووجدانيا. فالتَّمكين لهذا الطرح ينأى بالمسألة عن التوظيف العقدي والإيديولوجي المؤسَّساتي. فبُنية المعرفة الحضارية الحالية عرفت تطوُّرا كبيرا في مفهوم القيم ولعلَّ أبرز قيمتان فيها هي التفاهم والتَّسامح
التَّسامح ليس هو التَّساهل بل هو التَّفاعل مع الإحترام والمغايرة والوعي بمعرفة ثقافة الإختلاف الَّتي فيها فوائد ومجالات واسعة للإثراء والخروج من المأزق المشؤوم
من الجانب الثَّقافي والإجتماعي يبدو أنَّ الأمر مُعقَّد، لذا وجب الإلتزام بالمرونة القُصوى لكي لا يُسمح بمظاهر التَّناقض أو التَّنافر. فلا يجوز القول بالشيء والعمل بضدِّه، أو الدعوة إليه ونسفه، أو رفع شعارات له ونفيه في المُّمارسة وإلاَّ تعذَّر التوظيف الرامي إلى سلوكيات إجتماعية بنَّاءة
التَّسامحُ بحاجة إلى إستنارة بفكرٍ عقلاني يُعينهُ على وقف السُّلوك المُنحرف بعيدا عن التعصُّب أو الإنزلاق في المَّعارك الوجودية أو الإكراهية (أَحَبَّ مَنْ أَحَبْ وَكَرِهَ مَنْ كَرِهْ) الأكلة للبشر والوقت والمُهلكة لطاقة الأمَّة الوطنية الواحدة
التَّسامح بمفهومه السُّلوكي المَّادي والتصوُّر الذِّهني، يُساعدُ الإحراج القائم بالسَّيْر نحو اليُسرِ والإعتدال فتُرفعُ المشقَّةُ وتُبرَزُ معاني التَّلاقي والتَّفاهم وتسود الرحمة بين الجميع
إنَّ ما يُلفتُ النَّظر إليه، كَوْنُ أنَّ الأدوار في هذه المسألة ما هي إلاَّ وظيفية ولا تَرقَى إلى مراتب فوق مُهِمَّتها. فالمسؤولية لا تكون إلاَّ في حدود تلك الوظيفة
الغريب أنَّ الوظيفة خاصَّة في هذا الإحراج القائم، تحتاج منَّا إلى قراءة. فسلوكُها يتأسَّس على ما يَحْمِلُهُ الإنسان من أمانة بمرتكزات جوهرية وهي العلم والعقل الموضوعي والسُّلوك السليم بما ينفعُ المُجتمع
حسب القراءة الأخيرة للواقع، الأمر بعيد كلَّ البعد عن مفهوم التَّسامح وفي هذه الحالة، حالة الإنفعال والتوتُّر الَّتي يَلْمَسُهَا الإنسان كلَّ يوم، يأتي الخطر في زيادة تضخيم "الأنا" الفردي أو الجمعي لأنَّه يؤدي إلى إستحالة كاملة لفكرة التواصل مع "الأخر" ويَظْهَرُ ذِهَانُ القُوَّة لا قوَّة الفكرة الَّتي تدعو إلى التَّفاؤل وإلى التَّحاور وإلى التشاور وترفع لواء الرجاء لا الأمر النافذ فتسقط الأحكام جزافا وتُكْسَرُ شوكةُ الإنسان

عن المدونة

أقلام ذو لسان كبير مدونة اقلام ذو لسان كبير مدونة تشمل عدة مواضيع و هي مدونة ثقافية خاصة بالناس المرتقين عقولهم و بفضل الله نالت اعجاب الكثير من حيث المواضيع شكرا لكل الزوار

0 تعليق على موضوع : من المواطنة...

  • اضافة تعليق

  • الأبتساماتأخفاء الأبتسامات

    إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

    إتصل بنا

    أقسام الموقع

    بحث هذه المدونة الإلكترونية

    زوار المدونة

    إحصائيات المدونة

    جميع الحقوق محفوظة لـ

    اقلام ذو لسان كبير

    2017