النظرية ألعقلية في الاخلاق

الرجاء النشر من اجل تعميم الفائدة للجميع و شكراااا

النظرية ألعقلية في الاخلاق .
ترى النظرية العقلية أن مصدر الأخلاق هو العقل وهذا الأخير فطري فينا وأحكامه مطلقة ، اذن الاخلاق مطلقة ثابتة وليست نسبية متغيرة ف أفلاطون يربط الاخلاق بالمعرفة العقلية معتمدا على القول بأن العلم فضيلة والجهل رذيلة ، على اساس أن الانسان إذا علم الفضيلة فأنه سيعمل بها حتما ، وأن الوقوع في الرذيلة ناجم عن الجهل .وهذا مدلول المقولة الشهيرة التي طالما رددها افلاطون على لسان سقراط:" لا يوجد انسان شرير عن معرفة وقصد " ويعتبر افلاطون أن القيم الاخلاقية وخاصة في نفس الوقت موضوعات للمعرفة العقلية وماهيات أو مثل متعالية صالحة للفرد والمجتمع .وقد سلك ديكارت في القرن 17 مسلكا عقلانيا ، ربط الاخلاق بالمعرفة العقلية ويظهر هذا في تشبيه الفلسفة بشجرة جذورها هي الميتافيزيقا وجذعها علم الطبيعة وأغصانها الميكانيكا والطب والأخلاق وهكذا تمثل الاخلاق عند ديكارت تتويجا للمعارف الآخرى .ويذهب ايمانويل كانط أن الأخلاق لا تستقي من التجربة الاجتماعية وإلا خضعت للنسبية وتأثرت ايما تأثير بميول الناس ورغباتهم المختلفة ، فالتجربة عاجزة عن إضفاء طابع الكلية أو الشمول على القيمة الخلقية .إن موضوع الأخلاق أو المثل الاعلى لا الواقع ، هو ما يجب أن يكون وليس ما هو كائن وبعبارة اخرى لا ينبغي أن تستند تصوراتنا الأخلاقية الى ما تمليه علينا التجربة بل بالعكس ينبغي أن نقيم الأفعال التي تقدمها التجربة على ضوء المثل الأخلاقي وفي هذا الصدد يقول كانط:" إن أسوء خدمة يمكن أن نقدمها للقيمة الخلقية هو أن نريد استنباطها من الأمثلة أي من الأفعال المحسوسة التي يقوم بها الناس وتحدد بأفعالهم الاجتماعية "أن العقل هو مصدر القيم الأخلاقية ويقصد بالعقل العقل العملي أو الضمير الأخلاقي الذي هو فطري فينا وشائع بين جميع الناس يأمرنا بأداء الواجب الاخلاقي فما المقصود بهذا ألأخير إن الواجب الأخلاقي عند كانط هو أمر الزامي قطعي يصدر عن العقل العملي تنفذه الإرادة الخيرة أو النية الطيبة فالعبرة عنده بالنوايا وليس بالنتائج لذلك من اساسيات الواجب الأخلاقي عند كانط ما يلي :" أولا: الارادة الخيرة وهي اساس الاخلاق حيث يرى أنه ليس هناك خير في ذاته أو شر في ذاته أي أن الخير والشر لا يوجدان في الأفعال التي نقوم بها ولكن في الإرادة أو النية التي توجه هذه الأفعال فنحن نستخدم الخمر والمخدرات في الأدوية كما نستخدمها في أحداث لذات حسية مؤقتة والفرق بين استخدامها الأول والثاني هو في ارادتنا ففي الاستخدام الأول كانت ارادتنا خيرة ( النية حسنة) وفي الثانية إرادتنا شريرة ( النية سيئة)، وعلى هذا فإن كانط يرى أن القيمة الأخلاقية ليست في الفعل ولا في نتائجه وإنما في النية التي توجهه وعلى هذا يعتبر أن الإرادة الخيرة أو النية الطيبة هي اساس الأخلاق . فالواجب الاخلاقي الذي يعتبره ايمانويل كانط أمرا الزاميا صادرا عن العقل العملي ( الضمير الأخلاقي) فهو يقوم على الارادة الخيرة والأوامر القطعية وليس الشرطية فالأولى نقوم بها لذاتها وننظر اليها كغاية لا كوسيلة لتحقيق منافع ذاتية نابعة من العقل العملي مثل( قل الصدق )أما الثانية نقوم بها لأغراض شخصية وينظر اليها كوسيلة لتحقيق جملة من المنافع الشخصية نابعة من الطبيعة البشرية التي هي كتلة من الغرائز مثل قل الصدق ولك السلامة .كما أن الواجب يتصف بأنه أمر الزامي كلي تقبله جميع العقول وصوري (شكلي) يهتم بصورة أو شكل الفعل ويهمل مادته أي يهتم بالنية ويهمل نتائج الفعل فالعبرة بالنوايا وليس بالنتائج فمثلا الاب الذي منع ابنه من الخروج من البيت إلا من اوقات الدراسة خوفا عليه من الفشل في الامتحانات فيمكن أن يتيح هذا السلوك نتائج سلبية كأن يفشل الولد في دراسته فيفقد توازنه النفسي ويصبح غير قادر على التكيف مع الآخرين .فإذا كانت النية الحسنة أو طيبة فالفعل خير فالنية تبقى تلمع كاللؤلؤة حتى ولو لم يحقق الفعل نتائج حسنة .كما أن الشخص الذي قتل أخر بهدف الإستلاء على أمواله وبعد مدة يكتشف أن المقتول كان جاسوسا ، فرغم أن القاتل قد خلص المجتمع من عضو فاسد إلا أن الفعل هذا شرير لأن النية سيئة ، فالنية كافية لتحديد قيمة الفعل اخلاقيا .كما أن الأوامر القطعية تجعل من الفعل الأخلاقي غاية لا كوسيلة ،بعكس الأوامر الشرطية والواجب الأخلاقي يتجلى من الأولى وليس من الثانية ، وقد وضع هذا العالم ايمانويل كانط لضبط الواجب الأخلاقي مجموعة من القواعد تتمثل في ما يلي : أولا قاعدة التعميم أعمل على نحو يصبح فيه مبدأ عملك قانونا عاما .ثانيا قاعدة الغائية : اعمل على نحو تعتبر فيه الانسانية ماثلة في نفسك وفي الاخرين غاية لا وسيلة .ثالثا: قاعدة الحرية أو الإستقلال الذاتي: اعمل على نحو تعتبر فيه عقلك العمل المشرع وإرادتك الخيرة منفذه بين اناس عقلاء وأحرار أي يجب ان يكون سلوكك موافقا لأوامر العقل وأن لا يستمع لنداءات طبيعته البشرية لأنها مصدر للخطيئة وكل الشرور .أما الفيلسوف اليوناني سقراط فيرى أن كل فضيلة علم وكل رذيلة جهل فالعالم يستعمل عقله فيفعل الفضيلة والجاهل يعطل عقله فيقع في الرذيلة .ويضاف الى هذا الطرح طرح الديني ـ الاشعرية ـ فيؤكدون ان الفعل الاخلاقي منزه عن البشر فالحسن ما حسنه الشرع والقبح ما قبحه الشرع ، وهناك المعتزلة وعلى رأسها واصل بن عطاء حيث يؤكدون على دور العقل في الأخلاق فكل ما حسنه العقل فهو حسن وكل ما قبحه العقل فهو قبيح
النقد:ان الاخلاق ليست دائما مطلقة فهي نسبية تتغير من عصر الى عصر ومن مجتمع الى مجتمع فرواد المذهب العقلي فصلوا شكل او صورة الفعل الأخلاقي عن مادته أي فصلوا النية عن نتائج الفعل ، حيث أن كانط اعتبر الانسان عقلا فقط بينما الواقع يؤكد أنه عقل وطبيعة بشرية تشمل ميولا وأهواء وعواطفا ، اهمل كانط دور الميول والعواطف وخاصة الرحمة والشفقة والصداقة وحب الخير كما انه افرط في اعطاء العقل دور كبير مما جعل رأيه متزمتا ومتشددا ويظهر التزمت والتشدد في : 1/ استبعاد كل عاطفة أو ميل أو شفقة فالشفقة والمحبة حافزان خيران رفضهما كانط مما اثار سخرية اتباعه امثال "شلر" لذلك يقول شلر :" أحب أن اخدم اصدقائي لكن للأسف محبتي اليهم تدفعني الى ذلك فأخشى أن لا اكون فاضلا." 2/ استبعاد الإستثناء من القاعدة الخلقية فالأسير في الحرب لا يحق له أن يفشي اسرار تمس أمته أو وطنه إذا كان يوشك على الموت وعلى علم بها 3/ الأحمق ذو النية الطيبة او الخيرة يرتكب من الحماقات ما لا يرتكبه الشرير المتعمد وقد روي عن الأمام مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" ليس الكذب الذي يصلح بين الناس ويقول خيرا ويفعل خيرا "
راهن كانط على تنقية الأخلاق من المصالح الدنيوية والسمو بها الى عالم الفضيلة والرفع من قيمة الانسان ومحاولة تأسيس اخلاق انسانية عالمية مبنية على السلام والتسامح ونبذ العنف والتضحية والأيثارغير انها مثالية غير قابلة للتحقق في الواقع فقد تحقق العواطف منا خيرا ما لا يحققه الواجب الصارم والجاف والمحدود بينما باعث العاطفة وخاصة النبيلة منها غير محدود في العطاء والأيثار والتضحية والسخاء والانسان الكانطي يضع لنفسه قاعدة : لا اريد اخبار كاذبة فلا اكذب غير أن بعض الظروف والمواقف الاستثنائية قد تعلق العمل بالواجب المطلق